ع المائدة مع جينا

زمان من أيام ما كنت بألعب في النادي الأهلي بالجزيرة وأنا نفسي أفطر في الشارع علي مائدة رحمن أيام ما كنت بأروح بعد التدريب ساعة الفطار... لمدة 3 سنين كنت بأفطر غالباً عند ميدان العباسية وأنا في الأتوبيس فاكر أوي الأيام دي كانوا الناس بيطلعوا الإتوبيس ويوزعوا كوبايات بلح، بس فكرة الفطار علي المائدة أجمل بس كانت بعيدة والكسل كان واخد حده معايا.

النهاردة كان عندي شغل بأعمله مع "جينا" خلصنا الشغل علي الساعة 5:15 العصر وكنا جنب الجامعة في التحرير وبنفكر لسه هانفطر فين... قالتلي إنت فطرت قبل كده علي مائدة رحمن ؟ قلتلها لأ والنهاردة كنت لسه بأفكر إمتي هأعمل الحكاية دي.. قالتلي طب إيه !! ما تيلا.. قولتلها ماشي يلا !! يا سلام دي أنا كنت عايز أعمل الحكاية دي من زمان، قالتلي هيبقي فيه مشكلة لو الناس عرفوا إني مسيحية يعني؟

قولتلها أكيد مفيش مشكلة يا بنتي المسألة مش كده خالص والناس مش كده ... مفيش حد هيقولك حاجة طبعاً، أنا وأنا بقولها كده يمكن جزء مني كان خايف إن فيه حد يطلع فشنك ويحرجني ويضايقها وساعتها كان الموقف مش هيبقي ظريف.

مشينا يمين في شمال في يمين ما شاء الله الموائد كانت كتيرة بس أنا كنت بأدور علي مائدة فيها ستات قاعدة عشان يبقي ممكن تقعد معايا علي المائدة، لقينا مائدة دخلنا عليها بهدوء كده يشوبه الحذر زي ما بيقولوا في النشرة بتاعت الساعة 9 الجميل بقي هو التالي: الراجل اللي بينزل الأكل علي المائدة فضحنا "إتفضلوا يا أسااااااااااااااااااااااتذة دي مفيهاش إحرااااااااااااااج دي حاجة بتاعت ربنا مفيهاش كسوووووف"

يا عم مفيش كسوف ولا حاجة - سيبك من انك فرجت علينا المائدة كلها - كل سنة وإنت طيب يا ريس وقعدت أنا وهي، الناس قعدوا يتفرجوا علينا شوية كده كأننا سياح بس لحظات وكله بص في اللي كان بيبص فيه وبدأت أنا في الملاحظة والمراقبة كعادتي دايماً، طبعاً كنت مركز مع جينا في الكلام بس برضه كنت مركز مع الراجل اللي كان علي أقصي يمينا.

راجل غريب مش بيكتفي عمال كل ما حد يعدي يقولوا هات هات وياخد ويخبي تحت العيش، ومركز برضه مع الست الطيبة اللي كانت جنب جينا ست غلبانة علي الرغم من إنها كانت فقيرة وطيبة بس كانت إيديها عالية.. لما الأكل نزل والآذان أذن خدت شوية بطاطس ورجعت الباقي لو حد محتاجها واديت الراجل بتاع النظافة علبة الرز باللبن بتاعها.. ست منتهي الطيبة علي الرغم من إحتياجها للحاجة اللي بتوزعها.

المائدة كانت إلي حد كبير نظيفة جداً، الناس المسئولة عنهم ناس طيبين مجتهدين ربنا يكرمهم، الفطار في مجمله كان جامد جداً أنا نفسي في البيت مش بركز أوي كده وبأنوع في الأكل زي كده أينعم المعالق كانت من أرق ما شوفت في حياتي لدرجة اني خفت عليها مش مني !! لأ من جينا كمان، الفطار كان كالتالي: طبق رز + طبق بطاطس + طبق سلطة (علي قد حاله) + علبة رز باللبن بالمكسرات + موز + جوافه + كوباية مية بالبلح! البلح كان بالنوي بتاعه بس مش مهم كانت جميله!

"جينا" طبعاً عملت أجمد تعليق في اليوم كله !! لاقيتها بتقولي هما حاطين ليه بلح في المية !!؟ أنا ماما بتحط نعناع لكن بلح!؟

قلتلها لأ ده المفروض إنه مشروب رمضاني بيبقي البلح متقطع وبيتنقع في المية لفترة طويلة وبيبقي طعمه تحفة !! اشربي اشربي هتلاقيه حلو.. طبعاً انا مكنتش لسه واخد بالي ان الناس عملينه علي عجلة من أمرهم الظاهر فيااااادوب ملحقش يبقي مشروب أوي يعني.. البنت شربت وقالتلي آه حلو حلو وبعدت الكوباية آخر حاجة في الطربيزة !

فكرتني جينا بحكاية المعالق دي، كانت معلقتها طارت من شوية هوا !!!! فسألنا واحد من اللي بينزلوا الأكل قالنا لأ والله يا بيه خلصوا.. سألت واحد تاني قالي من عينيا وغاب ورجع بيبص لجينا ويقولها دي معلقة الحلويات !! قولتلها إتفضلي جاي بيعاكسك قبل الفطار وعيني عينك كده، قالتلي حرام عليك الراجل فعلاً جايب معلقة البسبوسة ..!!

جينا كانت مبسوطة أوي كانت بتقول إنها من زمان نفسها تآكل علي مائدة في الشارع وحسيت إنها مش خايفة من الناس ولا مقلقة منهم حتي كانت طول القعدة بتتكلم عن صحابها في الكنيسة وعن حاجات في الكنيسة بتحصل عندها، أنا كنت مبسوط عشان اللي خد باله من الناس إنها مسيحية إتصرف بطبيعية ومعملش حاجة ملهاش لازمة تتعمل.. وعجبني في جينا كان كل ما بينزلها حاجة تديها للست العجوزة الطيبة اللي كانت جانبنا حتي أنا مخدتش بالي في مرة وأنا بينزلي طبق الرز وكنت سرحان وحطيته قدامي، لاقيتها بتزغدني وبتقولي "give it to her"..!!

بجد تجربة حلوة قوي وأحب إني أكررها تاني طبعاً كان نفسي أصور الناس وأتصور أنا شخصياً بس حسيت إنها هتبقي قلة ذوق مني وتقليل من الناس اللي قاعدين يفطروا في آمان الله وعلي مائدته.