مساء الخير
في تاني يوم بعد ما قررت أبدأ البحث والكتابة
عن شخصيات مصرية صميمة.. وجدت إن سميرة موسي
من الشخصيات الملهمة مش بس لكل بنت ولكن لكل مصري
إزاي في اصعب الظروف تقدر تصر علي مصريتك وعلمك وقضيتك
.
ولدت سميرة موسى في قرية سنبو الكبرى
بمركز زفتى بمحافظة الغربية في 3 مارس 1917
هي أول عالمة ذرة مصرية.. لقبت باسم ميس كوري الشرق
هي أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، جامعة القاهرة حالياً
.
تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة والكتابة
حفظت أجزاء من القرآن الكريم وكانت مولعة بقراءة الصحف
كانت تتمتع بذاكرة فوتوغرافية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته.
في السنة الثانية من عمرها جاءت ثورة عام 1919 لتنادي بحرية الوطن..
فتحت سميرة عينيها على أناس قريتها
يجتمعون باستمرار في دار الحاج موسى
يناقشون الأمور السياسية المستجدة ويرددون شعارات الاستقلال الغالية
هيأ هذا المناخ لسميرة أن تصاغ امرأة وطنية تعتز بمصريتها دائماً
عندما شبت فتاة يافعة.. وجدت تياراً آخر ينادي بحرية تعليم المرأة..
كان من قياداته صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونبوية موسى، وغيرهن
ضحى والدها الحاج موسى بكثير من التقاليد السائدة
ليقف إلى جانب ابنته حتى تكمل مسيرتها..
وسط تشجيع من حوله بالاهتمام بهذه النابغة.
انتقل والدها مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها
اشترى ببعض أمواله فندقا بحي الحسين حتى يستثمر أمواله في الحياة القاهرية
التحقت سميرة بمدرسة "قصر الشوق" الابتدائية
ثم بـ "مدرسة بنات الأشراف" الثانوية الخاصة
والتي قامت على تأسيسها وإدارتها
الناشطة النسائية السياسية المعروفة
حصدت سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها
فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935
لم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت
حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل
حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة
أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.
كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها
كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول
دفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص
حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل
.
يذكر عن نبوغها ..
أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية
وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933
اختارت سميرة موسى كلية العلوم بجامعة القاهرة
رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة
حينما كانت أمنية أي فتاة في ذلك الوقت هي الالتحاق بكلية الآداب
هناك لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة
وهو كان أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم في هذا الوقت.
تأثرت به تأثرا مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية
بل أيضا بالجوانب الاجتماعية في شخصيته.
حصلت سميرة موسى على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها
عينت كمعيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود د. مصطفى مشرفة
الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب (الإنجليز).
حصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات
سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي
حصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.
أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة
وصلت من خلالها إلى معادلة هامة
لم تلق قبولاً في العالم الغربي آنذاك
تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس
ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع
لكن لم تدون بشكل غريب الكتب العلمية العربية
الأبحاث التي توصلت إليها د. سميرة موسى !
.
كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكان وسط هذا التقدم العلمي الكبير
كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام
فإن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة
فقد عاصرت ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية
لفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل
وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة.
قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية المصرية
بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948
حرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة
كانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي،
ولمجاراة هذا المد العلمي المتنامي..
نظمت مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم
شارك فيه عدد كبير من علماء العالم
.
كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي
كانت تقول: "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين".
كانت عضوا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها
لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.
كانت د. سميرة مولعة بالقراءة
حرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة
تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث
حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة
أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود
كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير
بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع
كانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها.
شاركت د. سميرة في جميع الأنشطة الحيوية حينما كانت طالبة بكلية العلوم
انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام1932
التي قامت احتجاجا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل".
شاركت في مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش
كان د. مصطفى مشرفة من المشرفين على هذا المشروع.
شاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة
والتي هدفت إلى محو الأمية في الريف المصري.
شاركت في جماعة النهضة الاجتماعية
والتي هدفت إلى تجميع التبرعات؛ لمساعدة الأسر الفقيرة.
كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة.
تأثرت د. سميرة بإسهامات المسلمين الأوائل
لها مقالة عن الخوارزمي ودوره في إنشاء علوم الجبر.
لها عدة مقالات أخرى من بينها مقالة مبسطة عن الطاقة الذرية
وعن أثرها وطرق الوقاية منها
شرحت فيها ماهية الذرة من حيث تاريخها وبنائها
تحدثت عن الإنشطار النووي وآثاره المدمرة
وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي.
.
سافرت سميرة موسى إلى بريطانيا
ثم إلى أمريكا لتدرس في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية
لم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها
حاولت كل من بريطانيا وأمريكا احتواءها بتوجيه الزيارات لها
وتقديم المغريات المادية حتي لا تعود إلي الوطن
ولكنها اعتذرت عن قبول الجنسية الأمريكية.
.
في خطاب إلى والدها قالت:
"ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر،
يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب،
كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئاً على الإطلاق،
فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد
يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده.. لأنه غريب."
استجابت الدكتورة سميرة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1952
أتيحت لها فرصة إجراء بحوث متقدمة
في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية
تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت
قبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا
في 15 أغسطس 1952 وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع
ظهرت سيارة نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادي عميق
قفز سائق السيارة وهو زميلها الهندى في الجامعة
والذي كان يقوم بالتحضير للدكتوراة.. هذا الصديق اختفى إلى الأبد !!
أوضحت التحريات أن السائق كان يحمل اسمًا مستعارا
وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها !!
.
كانت تقول لوالدها في رسائلها:
" لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا
كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة ".
علق محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها
أن كلمة "حاجات كثيرة" كانت تعني بها قدرتها
علي اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق
التوصيل الحراري للغازات ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف.
.
وفي آخر رسالة لها كانت تقول:
" لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا
وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان
وسأستطيع أن أخدم قضية السلام "
حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة.
كل الصحف العالمية لا تزال تتناول قصتها وملفها الذي لم يغلق
وإن كانت الدلائل تشير طبقا للمراقبين والمحللين
أن الموساد هو الذي اغتالها جزاء لمحاولتها
نقل العلم النووي إلى مصر والوطن العربي في تلك الفترة المبكرة.
.
تعليقي علي شخصية سميرة موسي كالتالي..
أعجبت بشدة بقوة شخصيتها و بإصرارها علي هدفها
حتي ولو كان الهدف ده أودي بحياتها في النهاية
أعبجني انها ليست ككثير من النساء المصريات
المتشدقات بالحرية والحقوق وغيرها من المطالب
واللي ملأوا الدنيا صراخاً في القنوات ووسائل الإعلام
واللي حصروا اداؤهم بس في البكاء علي الدور المفقود
سميرة موسي كانت من النساء المصريات الأقوياء
أقوياء مش بصوتهم ولا بظهورهم الإعلامي.. لأ
يمكن ساعدها في إنها تشتغل أكتر من ما تتكلم!
إن في زمن سميرة موسي لم يكن هناك كل وسائل الإشغال
اللي بيعتبرها الكثير وأنا مش منهم.. وسائل إعلام!
الوسائل اللي للأسف إحنا فاهمينها غلط
أخدنا من الثقافة الإعلامية الأمريكية الرغي واللت والعجن في الفاضي
ونسينا نشتغل.. أكيد التعميم مفهوم خاطئ
ولكن في الوقت الراهن التعميم لا مفر منه!
تم تخليد ذكري الدكتورة سميرة موسي بأكثر من طريقة
منها المكتبة التي تم إنشائها والتبرع بها لمدينة زفتي
فهي لم تكن أبنة أحد أثرياء هذا الوطن.. ولكنها كانت غنية بالمعرفة
.
في زمن سميرة موسي.. وسائل إعلامها كانت رسائلها لوالدها
في زمن سميرة موسي.. ممولها مشروعاتها الجبارة كان والدها
في زمن سميرة موسي.. كان مدير مدرستها بيقنعها بالبقاء في المدرسة
في زمن سميرة موسي.. كان الإقناع كي تستفيد منها المدرسة
في زمن سميرة موسي.. كان الإقناع ببناء معمل جديد.. مش بالضرب
في زمن سميرة موسي.. قدرت تعيد صياغة كتاب الجبر الحكومي
في زمن سميرة موسي.. قدرت توزع الكتاب بالمجان علي زملائها
في زمن سميرة موسي.. لم يشكك أحد في مصادر تمويلها
في زمن سميرة موسي.. لم يشكك أحد في وطنيتها
في زمن سميرة موسي.. لم يتم استدعاء والدها لسؤاله عن نوايا أبنته
في زمن سميرة موسي.. كان بيحارب رئيس القسم من أجل تعيين تلميذته
في زمن سميرة موسي.. كان مستشار مصر الثقافي في واشنطن بيصّرح
في زمن سميرة موسي.. كان فيه مستشار ثقافي لمصر في واشنطن!
في زمن سميرة موسي.. كان فيه حد بيعتذر عن قبول الجنسية الأمريكية!
في زمن سميرة موسي.. كان فيه حد عايز لمصر مش لنفسه.. حاجات كتير!
.
أختم مقالي بمقولة كانت تؤمن بها الدكتورة سميرة موسي
اقتبستها من أحد الأبطال الإغريق.. قالت وكانت تؤمن بقولها..
" ليس غرضي إسعادكم فحسب، ولكني أعمل علي أن أجعلكم عظماء "
الدكتورة الجليلة سميرة موسي
ولدت عام 1917 - توفيت عام 1952